كيف نحسن إلى اليتيم؟

طالب الراشدي
كيف نحسن إلى اليتيم؟

يقول ربنا سبحانه و تعالى :
وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى

... أخي : الإحسان إلى اليتيم، يكون بعدة أشياء، وكل واحدة منها تصلح أن تسمى إحساناً..

منها: إطعامه، وكسوته، والقيام على حاجاته الضرورية،

ومنها: مسح رأسه، وإشعاره بالرحمة والحنان، وفي ذلك أثر كبير على نفس اليتيم..

فقد كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا رأى يتيماً مسح برأسه وأعطاه شيئاً.
و منها ملاعبتته و ملاطفته ، فإنك إن دخلت بيتا فيه يتيم فإن ذلك اليتيم تتشوّف نفسه للملاطفة و الملاعبة التي فقدها من أبيه ، كما تتشوّف نفسه لمن يأخذه للحديقة أو يأخذه معه للدكان و يشتري له شيئا يفرحه به ، تقول إحدى الأرامل إن أتعس يوم يمر علي هو يوم العيد و ذلك لأن الأيتام الذين معها يريدون من يأخذهم خارج البيت و لا يجدون فيقضون العيد في البكاء و تذكر أبيهم فيتحول عيدهم إلى يوم تعاسة و شقاء ، يستطيع المسلمون أن يتكاتفوا و يتعاونوا و يأخذون الأيتام معهم في سيارتهم كما يأخذون أطفالهم .

و منها تقديم الهدايا لهم ، فإذا اشترت المرأة هدية لبناتها أو أولادها فإن الأيتام يغارون و تتشوّق نفوسهم لمن يقدم لهم هدية و لو كانت يسيرة فنفوس الأطفال تغار من الشيء اليسير ، فهدية يسيرة مثل قميص أو لعبة يعني بالنسبة لليتيم الشيء الكثير .
ومنها: الإنفاق عليه في تعليمه، ودراسته كما يحرص الواحد على تعليم ولده.

ومنها: الإخلاص في تربيته، وأن يخلص في ذلك كإخلاصه في تربية ولده ، و جدير بالمدرسين أن يتوسعوا في تحمل اليتامى و النصح لهم فهم قد فقدوا الناصح والمساند لهم .
تقدير اليتيم و إشعاره بالأهمية ، أن اليتيم غالبا ما يشعر بالضعف لأن سنده قد مات و بقي بلا سند يحتمي به فهو أصبح لا يقول كلمة أبي أو بابا ، فلا يستطيع أن يقول لطفل ظربه سأخبر أبي ، إن أباه قد مات ، فلذلك قد يتلقى من الناس صنوف الإهانات فحري بالمسلمين أن يشعروا اليتيم بأنه مهم و بأنه لا زال يعيش في مجتمع آمن يدافع عنه و يحميه و إن مات أبوه فكل الرجال مثل أبيه .

ومنها: الرفق في تأديبه، إذا ارتكب فعلاً يستوجب التأديب ، فجدير بجماعة المسجد أن يعطوا عناية خاصة و رعاية خاصة باليتامى الذين يرتادون المسجد و لا يغلظوا عليهم القول كما يغلظوا القول لسواهم .

ومنها: تنمية أمواله، والإخلاص في ذلك، حتى لا يذهب في الزكاة.

أخي المسلم: هذه بعض صور الإحسان إلى اليتيم، وليس الإحسان إلى اليتيم، خاصاً بأناسٍ معينين، بل كل مسلم مخاطب بذلك، كما هو مخاطب بفعل المعروف، وصالح الأعمال.
عسى أن تكون من الذين قال الله فيهم:
{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً{8} إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً{9} إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً{10} فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً{11} وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً} [الإنسان: 8-12]